الامم المتحدة تشكك في نزاهة القضاء الليبي وتطالب بتسليم سيف الاسلام القدافي الى الجنائيات الدولية

أفاد تقرير للأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، أن محاكمة العشرات من مساعدي الديكتاتور الليبي السابق معمر القذافي لا تلتزم ‏بالمعايير ‏الدولية لحقوق الإنسان في التعامل مع المتهمين.
وانتقد تقرير مطول للأمم المتحدة، أمس الثلاثاء، إجراءات محاكمة رموز نظام القذافي في ليبيا، وقال إنها لم تستوف ‏المعايير ‏الدولية اللازمة واُرتكب خلالها عدد من المخالفات الجادة، أهمها فترات الحبس الانفرادي المطولة للمتهمين، ‏واتهامات ‏بالتعذيب، وغياب سجل قضائي كامل للمحاكمة، وعدم سماح النظام القضائي في ليبيا بالاستئناف الكامل، ‏والاكتفاء بالنقض ‏الذي تقتصر فيه المراجعة على النقاط القانونية فقط.‏
كما قدم التقرير، الذي أعدته بعثة الأمم المتحدة للدعم في ليبيا ومكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان (المفوضية السامية ‏‏لحقوق الإنسان)، عدة توصيات كان أبرزها تسليم سيف الإسلام القذافي إلى المحكمة الجنائية الدولية، والمطالبة بإلغاء ‏عقوبة ‏الإعدام.‏
وانطوى التقرير على تحليل للجوانب الأساسية للمحاكمة في ضوء المعايير الدولية والقانون الليبي، وقدم مجموعة من ‏التوصيات لمعالجة العيوب في نظام العدالة الجنائية في ليبيا، والتي أبرزتها المحاكمة، بحسب التقرير.‏ وأقر بالتحدي المتمثل في محاكمة أعضاء النظام السابق في ظل النزاع المسلح والتجاذب السياسي، لكنه أشار إلى أن سير ‏المحاكمة يثير عدة شواغل يتعين على السلطات الليبية معالجتها.‏
ووفق التقرير، راقبت البعثة والمفوضية عن كثب القضية منذ مرحلة ما قبل المحاكمة وطوال ‏إجراءات المحاكمة، وهي القضية التي بدأت في آذار/ مارس 2014 وإلى إصدار الحكم في تموز / يوليو 2015، وتم القضاء ‏فيها على تسعة من المتهمين بعقوبة الإعدام، من بينهم سيف الإسلام القذافي، الذي جرت محاكمته غيابيا، ورئيس ‏المخابرات السابق عبدالله السنوسي، ورئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي.‏
وأشار التقرير إلى أن القضية تمثل الجهد الأبرز الذي بذله القضاء الليبي لمحاسبة مسؤولي النظام السابق عن جرائم النزاع ‏المسلح التي ارتكبت خلال 2011، ورحب التقرير أيضًا بحقيقة أن إجراءات المحاكمة كانت تُبث على الهواء مباشرة.‏
وأكد مفوض الأمم المتحدة لحقوق الإنسان زيد بن رعد الحسين في التقرير أن «تحميل المعتدين مسؤولية الانتهاكات ‏مسألة ‏في غاية الأهمية إلا أن المحاسبة يجب أن تأتي كنتيجة لاجراءات قانونية ومحاكمة عادلة». وأضاف أن «هذه ‏المحاكمة كانت ‏بمثابة فرصة ضائعة للعدالة وللشعب الليبي لتحقيق إمكانية مواجهة سلوك النظام السابق والتأمل فيه». ‏
ودعا التقرير إلى إعادة النظر في قانون العقوبات وضمان حق المتهمين في الوصول إلى محاميهم أثناء التحقيق وتعزيز ‏‏ضمانات أخرى متعلقة بالحصول على محاكمة عادلة. كما حث ليبيا على الامتثال لالتزاماتها الدولية عبر نقل سيف ‏الإسلام، ‏الذي ألقى المتمردون القبض عليه في تشرين الثاني/ نوفمبر 2011، إلى محكمة الجنايات الدولية. ‏
وكان سيف الإسلام ورئيس المخابرات السابق عبد الله السنوسي ورئيس الوزراء السابق البغدادي المحمودي من بين ‏تسعة متهمين حُكم عليهم بالإعدام رميا بالرصاص. وقال تقرير الأمم المتحدة «الحكومة الليبية غير قادرة على ضمان ‏اعتقال وتسليم (سيف الإسلام) الذي ما زال في الزنتان ويُعتبر خارج سيطرة السلطات الليبية المعترف بها دوليا»‏.
ومن المقرر أن تراجع محكمة النقض الليبية الإجراءات التي تم اتباعها في هذه القضية ولكن ليس الوقائع والأدلة. وقال ‏تقرير الأمم المتحدة «مثل هذه المراجعة لا تمثل استئنافا كاملا وفقا لما تتطلبه المعايير الدولية». ودعا التقرير السلطات ‏الليبية إلى ضمان تسليم سيف الإسلام للمحكمة الجنائية الدولية ومقرها لاهاي «تماشيا مع التزامات ليبيا الدولية». ولا تقر ‏المحكمة الجنائية الدولية عقوبة الإعدام.‏
وقال تقرير الأمم المتحدة «ما زال ممثل الادعاء (في المحكمة الجنائية الدولية) يسعى إلى تسليم (سيف الإسلام) للسلطات ‏الليبية من أجل المضي قدما في قضيته». وحث التقرير الذي أعده مكتب الأمم المتحدة لحقوق الإنسان وبعثة الأمم ‏المتحدة للدعم في ليبيا السلطات الليبية على إصلاح نظام العدالة الجنائية قائلا إن هذه المحاكمة سلطت الضوء على ‏‏»عيوب كبيرة». ‏