جريدة لوموند دبلوماتيك :المغرب العربي بين السلطوية وأفق التحول الديمقراطي

الأمير المغربي مولاي هشام دعا الى تعاون مغربي وجزائري يشمل المغرب العربي ولا يتأثر بالمشكل العويص المتمثل في الصحراء المغربية ، لأن شعوب المنطقة تتطلع الى التعاون في التعليم والصحة والاقتصاد. وطرح الأمير في مقال تحليلي مطول ذو طابع أكاديمي في العدد الأخير من المجلة الفرنسية الشهرية لوموند دبلوماتيك بعنوان “المغرب العربي بين السلطوية وأفق التحول الديمقراطي” وضع المغرب العربي من الناحية الاقتصادية والسياسية والثقافية ومقارنته بالمشرق، وتوقف عند نزاع الصحراء، بوصفه معرقلا للتطور الإقليمي الذي يمنع الاندماج.

ويدعو الى تبني رؤية إيجابية نحو الرفع من التعاون في القطاعات التي تهم الشعوب مثل الصحة والتعليم والتعاون الاقتصادي لما هو في صالح المنطقة. ويعتقد في تعزيز التعاون الإقليمي بين دول المغربي العربي حتى تحقق وحدة الصف في التفاوض مع الاتحاد الأوروبي التي تبقى الشريك الاقتصادي والسياسي الرئيسي لهذه الدول.

وعلاقة بهذه النقطة، تخسر دول المغرب العربي الكثير من المصالح لأنها تتفاوض بشكل أحادي بينما الدول الأوروبية تتفاوض بشكل موحد، مع الأخذ بعين الاعتبار قوة الدول الأوروبية وضعف المغاربية.

ويدعو الأمير الى عدم هيمنة ملف الصحراء على بناء علاقات مغاربية قوية، ويعتقد أن الحل يتجلى في إقامة ديمقراطية حقيقية في المغرب، بحكم أن الديمقراطية تستوعب الخلافات وتجد حلا لها.

ويقف الأمير وهو ابن عم ملك المغرب محمد السادس عند بعض نقط قوة المغرب العربي وبالخصوص الاختلاف عن المشرق العربي، فعكس هذا الأخير الذي مزقته الحروب الطائفية والعرقية والدينية، يستمر المغرب العربي خاليا من مشاكل دينية مثل الصراع السني-الشيعي. ورغم اعترافه بالتوتر الذي تخلفه القضية الأمازيغية بعد ارتفاع مطالب الحركات الأمازيغية إلا أنها لا تشكل خطرا على المجتمعات نحو التفرقة العميقة. وعلى ضوء هذه المقارنة يرى مستقبل المغرب العربي أكثر استقرارا من المشرق العربي.

ويكتب الأمير «قد تبدو تونس والجزائر والمغرب للملاحظ الأجنبي وكأنها مختلفة على مستوى نوع النظام الحاكم والاقتصاد والسياسة الخارجية ولكنها تشكل وحدة منسجمة داخل العالم العربي من حيث ثقافتها ومجتمعاتها وخصائصها الجيوسياسية…فالبلدان الثلاثة قد بنت استقلالها على نموذج ممركز جداً تأثر بالعوامل الجغرافية وبالحقبة الاستعمارية التي خلفت جهازاً بيروقراطياً يتحكم في الحياة الاجتماعية والاقتصادية. ثم إن التنوع العرقي والمذهبي في هذه البلدان لا يعرف الحدة التي تميز بعض بلدان الشرق العربي، فلا وجود هنا مثلاً للاصطدام بين السنة والشيعة، ولو أن سؤال الهوية الأمازيغية في المغرب والجزائر يظل مصدر توتر قوي».

ومقابل عناصر القوة المذكورة، يبرز الأمير بعض عناصر الضعف أو تلك التي تهدد المنطقة وتجعل استقرارها الهش معرضا للانفجار. ويلقي الضوء على حركية الشارع في المغرب العربي الذي يتميز بدينامية حقيقية مطالبة بالإصلاح الديمقراطي أمام استمرار التشابه في أساليب الفساد بين المغرب والجزائر بل وارتفاعها بينما تبقى تونس الحالة الاستثنائية التي تسير رغم كل المخاطر نحو بناء الديمقراطية، وهي التي كان لها شرف تفجير الربيع العربي.