باشا الشماعية يتحول إلى مايك تايسون








برزت مؤخرا اعتداءات لفظية وجسدية لرجال سلطة اختلفت مراتبهم والأجهزة التي يمثلونها، وأسفرت عن تفاعل صارم للمؤسسات التي ينتمون إليها، وهو الأمر الذي  يدعونا إلى التساؤل حول حدود ممارسة السلطة والمسؤولية ؟
ومن جملتها، حدث اعتداء باشا مدينة الشماعية حينما وجه لكمة “الكاو” لحسن تمغارين الحارس العام بالثانوية الإعدادية مولاي السلطان،  وجاء ذلك حين امتنع هذا الأخيرعن  التهليل باطلالة السيد الباشا، وهو الذي لربما تعود أن تقام له الدنيا وتقعد بهذه البلدة الصغيرة تهليلا وتكبيرا، أو لربما حسب ذلك الحارس العام أحد مقدميه وشيوخه أو مرؤوسيه الذي لم يؤد التحية كما يجب فكان نصيبه التأديب، ونسي أو تناسى بأن الحارس العام بامتناعه هذا لم يفعل سوى ما عليه تطبيقه في إطار مسؤوليته الإدارية وأنه موظف بقطاع التربية، كما أن السيد الباشا موظف هو الآخر بقطاع الداخلية، والمحصلة هي أن لا سلطة ولا وصاية لمؤسسة السيد الباشا على مؤسسة تعليمية لها حرمتها، وأن على هذا الحارس العام أن يخطر رئيسه المباشر وبعده الوصي عن القطاع بمدينة اليوسفية محمد يوسفي.
 السيد الباشا لا تعوزه إجراءات تقليدية من قبيل إخبار السلطات الوصية على قطاع التعليم باليوسفية عبر التراسل الإداري في شكله التقليدي والإدلاء به وقت زيارته، كما لا تعوزه الآليات في حال الاستعجال من موارد بشرية ووسائل تكنولوجية حديثة تضعها الدولة تحت تصرفه،  آخرها هاتف يطلع عبره مضامين المنع للسيد النائب الإقليمي وهو الذي يظل يلتقيه في المناسبات والتدشينات واللقاءات و..و…والذي لن يخيب له رجاء، و لربما طلب منه أن يكمل حسناته بتصوير حتى ابتدائيات وفرعيات العالم القروي الواقعة تحت نفوذ السيد الباشا ترابيا، فلو مارس المسؤول ذاته قليلا من التريث والتسلط وكثيرا من المسؤولية، لما كان للقضية أن تنحو هذا المنحى ولم تكن لتصبح قضية رأي عام وطني، اثر لكمة لاشك أنها كانت قوية بحجم 20 يوما من العجز المسلمة من مستشفى محمد الخامس بآسفي .
حينها لن يكون الحارس العام ليمنع السيد الباشا، بعد سماع كلمات تنبعث من هاتف المسؤول الأول محمد يوسفي نائب قطاع التربية والتعليم باليوسفية، لكن  منطق العقليلت المخزنية لازال يضرب أطنابه في عقول بعض من مسؤولينا ومثلهم صاحبنا القادم من أحد كورت .
وقد يكون الصفع واللطم واللكم أحد فلسفاته لترجمة المفهوم الجديد للسلطة، حتى أنه قد يخال هذه المؤسسة التربوية ضيعة ملحقة بسيادة  الباشا، والذي لربما وضع من أهم أولوياته تصوير الساحات والحجرات عوضا عن القضاء عن العربات المجرورة التي تغزو فضاء المدينة القروية – الشماعية –  وتذكرنا بأن هذه البلدة تكاد تحسبها سوقا أسبوعيا ينعقد كل يوم، والتي يشبهها البعض من ساكنتها بالقرية الكبيرة، و حتى لم يلهمه النهوض بجمالها الحضري والعمراني، وكان الأمر ليعفيه من تصوير مؤسسات تعليمية لا تزال في مكانها ولها سلطات وصية لاتحجم حتى عن اعطائه أسماء حتى المتمدرسن والموظفين ان طلبها الباشا التي تكاد تذكرنا بأنها مدينة منكوبة، لا أشجار ولاحدائق بشارع وحيد ظل يتيما وبأزقة تملؤها الأحجار والأتربة والأزبال، والتي تركتها شركة تدبير بأكوام تحرق صباح مساء لتزكم أنوف المارة، وحتى الراكبين  لم يسلموا من إيذاء عبيرها الذي ينبعث غير بعيد عن الشارع الذي يربط مراكش بحاضرة المحيط بأكوام يتصاعد دخانها وتتراءى للعيان 
مدينة الباشا التي تسجل نسب مهمة في الجريمة وبيع الخمور التقليدية في ظل غياب لمفوضية للشرطة وانتشار البناء العشوائي و خدش فاضح للمشهد العمراني، وتناشد أسوارها الغيورين وتبكي معالمها الأثرية المتلاشية التأريخ، كالمدرسة الأميرية التي درس بها أمراء الدولة العلوية والتي أصبحت مرتعا للمجرمين والمتسولين .
والغريب  في الامر أنه غير بعيد عن موقع الحدث بأقل من 70 كيلومتر ينظم المغرب المنتدى العالمي لحقوق الإنسان في دورته الثانية بمراكش نونبر 2014، وشتان بين الحدث والحديث، أو أن هكذا مسؤولين يعيشون خارج الزمن الرقمي والحقوقي، ولايحسنون تحديد الاحداثيات وقراءة الرسائل المشفرة، ففي الوقت التي غدت فيه مدينة الحمراء قبلة عالمية ومحجا للسفراء والأمراء والملتقيات والمنتديات، وفي الوقت المستقطع الذي تسعى فيه الحكومة لتسويق محصلتها الحقوقية زمن الرميد، يكرس مثل هؤلاء أسبابا تعطي تبريرا لمقاطعة جمعيتان حقوقيتان بالمغرب المنتدى العالمي، وحجتهما بأن هنالك انتكاسات قوية في الشأن الحقوقي بالمغرب في ظل حكومة العدالة والتنمية، وأفعال مثل هاته لاشك ستغذي هذا الطرح، سيما وأن مجموعة من الجمعيات الحقوقية قد استنكرت هذا الفعل إضافة إلى تضامن نقابات تعليمية مع الحارس العام .
وهنا لابد أن نتحدث عن حدود السلطة والمسؤولية، ممن يفترض أن يحموا المواطنين ويمارسوا المفهوم الجديد للسلطة كما أراده عاهل البلاد، لا أن يضربوا المواطنين بالجزمة و”الكاسك” والبونية “ويسبوهم ويلعنوا آباءهم،  ويتجرؤوا على إلههم ويكفروا الناس في السلطة ورجالاتها، في حين أن كثيرون من النزهاء في مستوى المسؤولية ويشرفون بحق المؤسسات التي يمثلونها ويكرسون بحق دولة الحق والقانون