حصيلة حكومة بنعرفة ل 120 يوم باهتة ولا ترقى لانتظارات الناخبين

كنا ننتظر تقديم حصيلة 100 يوم، كما هي العادة في العديد من البلدان الديمقراطية؛ وهي المدة التي تتمتع فيها الحكومة بنوع من السماح.. وأخيرا، جرى تقديم حصيلة 120 يوما مرفوقة بـ120 إجراء، بالتمام والكمال.

وجب، في البداية، التنويه بهذه المبادرة التي جاءت في الوقت المناسب لتطبع الدخول السياسي وإضفاء نوع من الدينامية التي ما أحوج بلادنا إليها عسانا نخرج من الفتور الراهن الذي يلقى بظلاله على الحياة السياسية، ويخرج بالتالي البلاد من الانتظارية المقلقة، بالرغم من كون البرلمان لا يزال في فترة العطلة إلى غاية الجمعة الثانية من شهر أكتوبر؛ وهو موعد ينتظره الجميع بشغف، خصوصا أنه يتميز بالخطاب الملكي في افتتاح الدورة التشريعية.

لقد جرى تقديم الإجراءات الـ120 حسب محاور البرنامج الحكومي مع اتباع مقاربة عرضانية وقطاعية في الوقت ذاته. وهكذا، جرى تسطير هذه الإجراءات على المحاور الخمسة الآتية:

- تعزيز الخيار الديمقراطي ودولة الحق والقانون وترسيخ الجهوية المتقدمة؛

- تعزيز قيم النزاهة والعمل على إصلاح الإدارة وترسيخ الحكامة؛

- تطوير النموذج الاقتصادي والنهوض بالتشغيل والتنمية المستدامة؛

- تعزيز التنمية البشرية والتماسك الاجتماعي والمجالي؛

- العمل على تعزيز الإشعاع الدولي للمغرب وخدمة قضاياه العادلة في العالم.

ودون القيام بتحليل مفصل لهذه الإجراءات، سنكتفي في هذه المقالة بتقديم بعض الملاحظات؛ منها ما هو منهجي، ومنها ما يصب في عمق الإشكالية.

فعلى مستوى المنهجية، كان من المحبذ والمجدي الاقتصار على بعض التدابير الأساسية التي لها وقع مباشر على حياة المواطنين والتي التزمت بشأنها الحكومة. لقد جرت العادة في مثل هذه الظروف أن يتم التركيز على التدابير الجديدة والفريدة، بل والمحفزة، التي من شأنها أن تزرع الأمل في صفوف المواطنين، وتعيد الثقة إلى مختلف الفاعلين.

ومع كامل الأسف، نلاحظ أن الإجراءات الواردة في الحصيلة الحكومية تتضمن تقريبا كل ما قامت به الحكومة، وأحيانا كل ما تنوي القيام به، دون أن نميز بين ما هو أساسي / إستراتيجي وثانوي/ هامشي !

وعلى مستوى عمق الإشكالية، نلاحظ أن الحصيلة المقدمة لا تعود في مجملها إلى الحكومة الحالية، بل جرى الشروع في تنفيذها، أو على الأقل في وضع تصورها، خلال الحكومة السابقة؛ وهو أمر بدهي ما دمنا في وضع الاستمرارية بين الحكومتين، سواء من حيث التوجهات الأساسية أو من حيث تركيبتها السياسية أو من حيث أعضاؤها.

كان حريا، من باب الموضوعية، الإشارة إلى هذا الأمر بدل الاكتفاء بعملية النقل ليس إلا وهناك حالات وأمثلة واضحة للعيان، وإذا ظهر المعنى فلا حاجة إلى التكرار.

على العموم، يمكن اعتبار أن الحكومة قامت بانطلاقة مقبولة؛ ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هو الآتي: هل بمقدار الحكومة أن تجد أمامها النفس والقوة اللازمين لمواصلة المشوار إلى نهايته؟ في الظاهر، وحسب ما صرح به رئيس الحكومة في كون الفريق الذي يقوده متضامن ومنسجم يمكن أن نجيب بالإيجاب، إلا أن الواقع الذي نراه يوميا والتصريحات التي تغطي المنابر الإعلامية والتي يدلي بها مختلف الفرقاء، تجعلنا نشك في هذه النوايا المعبر عنها.

طبعا، في الديمقراطية، كل شيء محتمل، وكل شيء قابل للنقاش، خصوصا حينما تكون الانتظارات واسعة والحاجيات لا متناهية، فهناك العديد من المواطنين الذي يعبرون عن سخطهم وعدم رضاهم، مواطنون يحسون بالغبن والإجحاف وهم على حق.

مع الأسف، لا نتوفر في بلادنا على معاهد متخصصة في مجال استطلاع الرأي لنتمكن من قياس مستوى الرضا الموجود لدى المواطن المغربي، وبالتالي قياس شعبية الحكومة.

وأمام هذا الفراغ المؤسساتي، الذي ينبغي تجاوزه مستقبلا لم يجد الإنسان بدا من إطلاق العنان لمخيلته وتصوراته.