انس الحيوني يفضح محمد التيجيني وانحيازه الحزبي ضد حزب العدالة والتنمية

إن أحسنا الظن فسنقول إن محمد التيجيني، مقدم برنامج "ضيف الأولى"، قد أبان عن جهل تام بأبجديات الصحافة وقواعد البرامج الحوارية والمقابلات التلفزيونية، حين تطرق في حلقة استضاف فيها رئيس المنظمة المغربية لحقوق الإنسان، لأمور بعيدة كل البعد عن موضوع الحلقة، ليحوّر الكلام في اتجاه انتقاد حزب العدالة والتنمية وإذاعته الإلكترونية. والحقيقة أنه بعد متابعة وتقييم حلقاته الأخيرة -ومَهما أحسنا الظن- فسنخرج بقناعة مفادها أن كل تلك الخرجات يتم إعدادها سلفا وتستهدف، عن سبق إصرار- حزب بنكيران بطريقة مكشوفة وفجة.ماذا قال التيجيني عن "حزب المصباح" في حلقة من المفترَض أن تعالج قضايا حقوقية؟ يستفسر مقدم البرنامج، في خروج مفضوح عن سياق حديثه مع ضيفه الحقوقي، عن الفصل بين الدين والسياسة، وينتقد إذاعة حزب العدالة والتنمية، مدّعيا أنها تذيع حصصا من القرآن المرتل على شكل فاصل بين برامجها. غير أن المتتبع للإذاعة الإلكترونية، وهي أول إذاعة إلكترونية لحزب سياسي مغربي، يعلم يقينا أن ما تفوه به التيجيني افتراء وبهتان، إذ تفتتح الإذاعة برامجها بالقرآن الكريم، كما تفتتح جميع القنوات والإذاعات المغربية برامجها. أما الفواصل بين البرامج فهي اختيارات غنائية منتقاة بعناية لتلبية كل الأذواق وضمن منطق ناظم ضابطه الالتزام والرقي في الاختيار، كما جاء على لسان أحد الساهرين على هذه الإذاعة. وبدوري، أتساءل هل يقترح التيجيني، مثلا، أن تعوض إذاعة حزب العدالة والتنمية القرآن ببث فاصل لـ"عْطيني صاكي" أو "هاضاضايْضاي كْبيدة نتي"؟غير أن المضحك في الأمر هو دعوة التيجيني -بطريقة أقرب إلى الصبيانية- عبد الإله بنكيران إلى البرنامج لإعطائه حق الرد! فهل للأمر علاقة بتراجع عدد مشاهدي برنامجه في آخر ثلاث حلقات ومحاولة للرفع من ذلك عبر استضافة ضيف من حجم بنكيران؟! إذ يبدو أن مشكلة التيجيني ومن يحركه أبعد مما قد نتصور.. فالقفزة النوعية التي حققها إعلام حزب العدالة والتنمية تخلق لهم مشكلة أيضا وتشكل لهم هاجسا يؤرقهم، ويكفي أن نذكّر بأن البث المباشر (عبر إذاعة الحزب الإلكترونية) لأشغال المؤتمر الوطني الاستثنائي مؤخرا قد حقق نسبة مشاهدة اقتربت من نصف المليون، رقم لم تحققه حتى الحلقات الأخيرة لصاحبنا على المستوى الرقمي. ثم إن ادعاء التيجيني أن بث القرآن على إذاعة حزبية هو خلط للدين بالسياسة، والمطالبة بالقطيعة بينهما يعكسان جهلا وحقدا كبيرين لديه. فمقدمنا المغمور، الذي عاش لسنوات ببلجيكا، والمترشح السابق في الحزب الاشتراكي البلجيكي (PS) باسم "محمد الروخو"، ثم مع حزب الحركة الإصلاحية (MR) باسم جديد "محمد التيجيني"، لم يتعلم أن في الغرب الحداثي بأسره ليس هناك فصل للدين عن السياسة، بل فصل للمؤسسات الدينية عن السياسية، ولينظر التيجيني إلى جل العطل الرسمية في البلدان الغربية فسيجدها عطلا دينية خالصة! وليتأمل أين تقام معظم الخطب الرئاسية التاريخية التي توجه للشعوب فسيجد أن الكنيسة هي المحتضن لها! في الغرب "الديمقراطي الحداثي" هناك حضور قوي ووازن للدين في الحياة السياسية، بل إن رضا الكنيسة في معظم هذه البلدان "مباركة" ضرورية لأي حزب سياسي يطمح لأن يتبوأ مقاعد تدبير الشأن العام.ورغم أنني لم أتفق، في البداية، مع قرار الأمانة العامة لحزب المصباح مقاطعة برنامج التيجيني حين وُجهت الدعوة للوزير الداودي، فإنني في الوقت نفسه أرى أن مقدم برنامج "ضيف الأولى" وقع في "خطايا" كارثية بعيدة عن أخلاقيات العمل الصحافي. فالظاهر أن هذه الخرجات ما هي إلا تنزيل مدروس واستغلال فظيع لقناة عمومية لتصفية حسابات مع حزب سياسي مغربي.. فالمفترَض أن يبقى الاعلام العمومي بعيدا عن المعارك التي تخوضها بعض جهات التحكم المناهضة لعملية البناء الديمقراطي لهذا الوطن وألا يلبس الصحافي لباس المعارض السياسي و"كن غي عارض" بأسلوب الأحزاب البلجيكية وليس على طريقة معارضة أحزابنا البئيسة.. وصدق من قال: لالةّ زينة وزادْها نور الحمّام!..